الخميس، 30 يوليو 2009

محاولات يائسة للتفلسف !

_ أؤمن تماما بوجود الكائنات الفضائية .. خاصة الذين يدّعون كونهم أرضيين !


_ براز بعض الأشخاص أكثر جاذبية من أفكارهم !


_ مجرد النصح قد يكون أقسى من الجلد بالسياط أحيانا .. بالأخص إذا كان صادقا فعلا !


_ أيقنت .. و تلك هى الكارثة ! .. أحيانا يكون الشك و الحيرة هما الحل الأسلم !


_ إذا استطعت أن تثبت لى أن عبد الناصر كان مخنثا .. فسوف أبصم لك بالعشرة أن مبارك كامل الرجولة !


_ حرقت قطعة من القماش ثم نمت مرتاح الضمير ؟! .. برافو ! .. أنت عربى بدون شك !


_ أعتقد أنه لو فاز " مدحت عبد الصمد " مثلا فى انتخابات الرئاسة القادمة .. سيكون لقبه الرسمى : فخامة السيد الرئيس محمد حسنى مبارك / مدحت عبد الصمد ! .. أعتقد أن 28 عاما كافين تماما لتيبّس اللقب على هذا الوضع إلى الأبد !


_ سقطت القداسة ؟! .. إذا فليسقط كل شىء .. فلم يعد هناك ما يمكن أن نعمل من أجله !


_ أعدك أن أؤمن بعلم النفس .. فقط عندما تثبت لى أن جميع علماء النفس كانوا أسوياء نفسيا !


_ أعتقد أن جميع طلبة كلية الطب فقدوا منذ زمن جزء كبير من آدميتهم !


_ السلوك البشرى لا يخضع لمنحنيات .. المنحنيات هى التى يجن جنونها لمجاراته !


_ جميعنا ضحايا .. نثور لننفجر فى وجه بعضنا البعض .. متى يتوجه الغضب فى الاتجاه الصحيح إذن ؟!


_ لعيوب أصيلة فى شخصياتهم .. أصبح الكثيرون الآن يستمدون ثقتهم بأنفسهم من خلال ازدرائهم للآخرين !


_ أعتقد أن محترفى فن الإحباط تزايدت أعدادهم بطريقة مستفزة .. مع هؤلاء يصبح الغرور من أكثر الصفات البشرية رقيّا !


_ أرى أن الشعور بالحزن يستوجب طاقة نفسية ما كامنة بداخلنا .. طاقة ضرورية لأن نشعر بالحزن من الأساس .. أعتقد أننى وصلت إلى ما دون تلك الطاقة .. كم أشتاق إليها الآن !


_ الحزن شعور بشرى فى غاية الرقى .. الغضب شعور بشرى فى غاية النبل .. الحب شعور بشرى فى غاية الهشاشة !


_ أعتقد أننا لم نعد نستحق أن ننال ترف الحوار .. أصبحت الآن أميل إلى مستبد يفعل الصواب و ديكتاتور يريد الحق !


_ بعيدا عن المعتقدات الدينية .. كل منا يملك صوابه الخاص و يملك خطأه الخاص .. انتهى عصر الصواب المطلق و الخطأ المطلق منذ زمن !


_ أحيانا أبحث عمّن يعارضنى الرأى ليمنحنى بعض الطمأنينة .. من المفزع أن يقتنع كل من حولى بآرائى طيلة الوقت .. امضاء : شخصية ماسوشية !


_ تبيع عقلها لمن يدفع أكثر ؟! .. عاهرة بطريقة مختلفة !


_ كتابة بعض الجمل المتفلسفة لا يعنى بالضرورة أنك أصبحت عبقريا فجأة .. فى الغالب لم يعد الجنون احتمالا بعيدا !

الأحد، 12 يوليو 2009

كارثة اقتناعك بمعتقدى !

" أنا فى الابراهيمية على كافتيريا اسمها حواديت قدام الكورنيش .. عايزة اشوفك " ..

قرأ الرسالة على هاتفه المحمول ثم عدّل من وضع نظارته على وجهه .. بالرغم من أنه ليس متأكدا أن وضعها لم يكن مريحا أو أن الوضع بعد التعديل أصبح أكثر راحة .. إلا أنه فى جميع الحالات كان يعلم أنها مجرد حركة عصبية اعتاد أن يفعلها دوما بدون قصد منه .. جهازه العصبى الأحمق يعتقد أن هذا يكفى لإخفاء توتره و زلازله الداخلية .. دعك طبعا من اهتزاز قدمه الدائم و عضه لشفته السفلى و حركات جسده العصبية .. تلك الأفعال التى يبررها أغلب من يعرفونه بأنها مجرد " كهربا زايدة " !

الاسكندرية .. المدينة التى يحبها فعلا رغم قلة زياراته لها .. كثيرا ما أخذه التفكير فى علاقته بالاسكندرية و وجدها معقدة بعض الشىء .. هو غير منبهر بشوارعها النظيفة و ميادينها الواسعة و أضوائها اللافتة .. غير عابىء بمحلاتها الراقية و " مولاتها " المتوحشة الرقى .. حتى عشقه لبحرها و استمتاعه بالجلوس و النظر إليه رغم رذاذه الذى يغطى زجاج نظارته و يحجب عنه الرؤية لم يكن هو السبب فى حبه لها .. هو فقط يحبها و يشعر بتضاؤله إلى جوار كيانها النفسى الضخم .. يحبها بدون إبداء أسباب .. برغم شعوره الدائم بازدرائها له و عدم احتوائها لضعفه و احتياجه .. شعور يؤلمه دوما و لكنه يشك فى كونه سر العلاقة الخاصة بينهما .. ربما من أجل هذا الشعور فقط أحب الاسكندرية !

لم يذهب إلى الاسكندرية ليراها .. صحيح أنه كان يتمنى أن يراها و لكنه لم يأمل فى ذلك لعلمه بأنها لا تستطيع الخروج إلى أى مكان بدون إخوتها .. ذهب لأنه قرر ذلك عندما كان مستلقيا على فراشه فى غرفته و ضبط نفسه يتكلم مع أشخاص غير مرئيين ! .. اكتشف أنه أصبح بالفعل على حافة الجنون و قرر أنه من غير المفيد لصحته العقلية البقاء وحيدا بعد إحساسه بفراغ الحيز المحيط به بعد سفر الكثير من أصدقائه إلى الاسكندرية و انشغال الباقين عنه .. خلال ثلاث دقائق كان مرتديا ملابسه حاملا حقيبته متأهبا لركوب أول قطار ذاهب إلى هناك .. قدّر أن الوضع هناك سيكون أفضل حالا .. على الأقل سيكون فى الاسكندرية التى يحبها و تزدريه .. سيكون حوله أصدقاءه الذين لن يتركوا فرصة لعقله الباطن ليتلاعب به .. و سيتنفس أيضا نفس الهواء الذى تتنفسه هى ..

هى ! .. هى التى يحبها و تعشقه .. هى التى أحيت بداخله أحلام كان قد كفّ منذ زمن عن تعاطيها ! .. هى التى لم تتظاهر يوما بأنوثة لا تملكها لأنها _ ببساطة _ التجسيد الحى لكلمة أنثى ! .. هى التى لا يستطيع حتى الآن تصديق كونها ثلاثية الأبعاد مثل باقى المخلوقات ! .. يراها دائما لا متناهية الأبعاد .. يراها ذائبة فى كل الموجودات .. هى التى لم يستطع أبدا تذكر ملامح وجهها جيدا منذ عرفها ولا يعرف لماذا ! .. هى التى توشك على الضياع منه إلى الأبد بسبب ذلك العريس الذى ترى أمها أنه " عريس لقطة " .. هى التى تتحمل من أجله ضغطا نفسيا بشعا و لا تستطيع التصريح أمام أهلها بحبها له .. هى التى لم تستوعب بعد ما هى مقبلة عليه إذا تركته أو _ بالأحرى _ أجبرت على تركه .. و هى التى تجلس الآن فى الابراهيمية على كافتريا حواديت ..

انطلق فور وصول رسالتها نحو تلك الكافتريا .. لم يكن يدرى كيف سيكون اللقاء و هو يعلم تماما بوجود أهلها معها .. و لكنه ذاهب لأنه لم يكن يستطيع عدم الذهاب .. الموضوع أكبر من قدراته البشرية المحدودة ! .. سار قليلا على الكورنيش حتى لمح الاسم يضىء على الجانب الآخر .. " كافتريا حواديت السياحية " .. دقق النظر على أمل أن يلمحها وسط كل هذا الكم من البشر الجالسين و الواقفين و لكنه لم يرها .. المسافة طويلة و الزحام شديد .. أخرج هاتفه المحمول و اتصل بها .. كان يعلم أنها لن تستطيع الرد لأن إخوتها بجوراها .. و لكنه أراد على الأقل أن يعلمها بوصوله .. بعد دقائق استطاعت هى الانفراد بهاتفها و اتصلت به ..

_ انت فين ؟
_ أنا ع الكورنيش قدام الكافتريا .. انتى مش شايفانى ؟
_ لأ مش شايفاك خالص .. انت شايفنى ؟
_ لأ ..
_ طب انا عايزه اشوفك .. هتعمل ايه ؟
_ مش عارف انتى ايه رأيك ؟
_ اعمل أى حاجه .. اقوللك .. تعالى اقعد فى الكافتريا ..
_ لأ مش هقدر .. دى مكتوب عليها سياحية و انا فلوسى مش هتكفى ..
_ طب حتى قوم و اتمشى قدام الكافتريا عشان اشوفك و تشوفنى ..
_ طيب هشوف .. سلام ..

لم تدر فى رأسه احتمالات .. كان يعرف أنه لابد أن يعبر الطريق ليصل إلى الكافتيرا على الجانب الآخر و يمر من أمامها علّه يراها .. و لكنه أدرك أنه مرتبك .. لم يحب ذلك و لكنه أدركه .. رغما عنه امتدت يده إلى جيبه ليخرج علبة سجائره .. قرر أن يدخن سيجارة قبل أن يمر إلى هناك .. انتهى منها ثم ألقاها بعصبية واهنة .. استعد لعبور الطريق .. جميع السيارات هنا تسير بسرعة قاتلة و لا تتوقف من أجل أحد .. مرّت تقريبا عشر ثوان و هو يحاول العبور و لكنه لم يستطع .. نظر على يساره فوجد قبة من تلك القبب البلاستيكية المميزة و المتناثرة فى الاسكندرية .. القبب التى تزين مداخل الأنفاق المخصصة لعبور المشاة نظرا لصعوبة المرور خلال الطريق المكتظ بالسيارات التى لا يرحم سائقيها من يسير على أقدامه .. اتجه فى أريحية نحو النفق بعد أن قرر عبوره .. هبط درجات السلم على عجل حتى أصبح داخل النفق أسفل الطريق ..

سار مسرعا و هو يفكر فى كيفية اللقاء و تأثيره عليه .. كان سعيدا لأنه سيري وجهها الذى لا يستطيع تذكر ملامحه كالعادة .. و كان يخشى وشاية نظرات عينيه و تعبيرات وجهه عندما ينظر إليها .. نظر حوله فوقعت عيناه على جدران النفق .. تذكر فجأة أنها المرة الأولى التى يعبر فيها الطريق من خلاله .. دائما كان يفضل العبور من بين السيارات و لم يكن النفق أبدا احتمالا واردا .. تملّكه ذلك الخاطر و سيطر على تفكيره .. أبطأ السير تدريجيا حتى توقف تماما .. أسند ظهره على الجدار خلفه و شرد بذهنه ناظرا نحو السقف ..

السقف .. سقف النفق .. باطن طريق السيارات .. لماذا لم أعبر الطريق هذه المرة بالذات ؟! .. لماذا اخترت الحل الأسهل و فضّلت المرور من خلال النفق ؟ .. لم أكلّف نفسى حتى عناء المحاولة .. استسلمت بعد ما يقرب من عشر ثوان فقط ! .. عشر ثوان كانت كفيلة بإحباطى و تغيير وجهتى ! .. ما الذى كنت سأخسره لو حاولت أكثر ؟ .. ما الذى جعلنى أخاف إلى هذا الحد ؟ .. أمرّ الآن كالفئران من أسفل أصحاب السيارات المارين بسرعات خارقة متجهين نحو أهدافهم .. يعرفون وجهتهم جيدا و لا يتوانوا عن الوصول إليها .. يحدثون ضجيج و صخب ربما يراهما من هم مثلى إزعاج و استفزاز .. و لكنه حقهم المكتسب .. هم عرفوا ما يريدون منذ زمن و حققوه بشجاعة .. فليصرخوا إذا و ليحدثوا ما يحلو لهم من ضجيج .. إذا تسبب البشر بالأعلى فى إزعاج الفئران بالأسفل فلا تلومنّ _ بالطبع _ إلا الفئران ! .. اخترت بنفسى و لم يجبرنى أحد أن أكون فأرا .. فأرا جبانا أمر من خلال نفق و أخشى من هم بالأعلى لمجرد أنهم يستقلون سيارات .. أعتقد أن الفأر الذى يدهسه إطار سيارة فى لحظة تمرد يعيشها على حياة الأنفاق لهو أكرم حالا من الفأر الذى يعمر ألف سنة مرتضيا حياته بالأسفل .. لم أكن أتصور قبل ذلك أننى وصلت لتلك الدرجة من الحقارة ! .. أدّعى أننى أحبها و أنها أغلى هدف أتمنى تحقيقه ثم أخشى عبور مجرد طريق تمرّ به السيارات كى أصل إليها ! ..

سمع صوت هاتفه المحمول يعلن عن استلام رسالة جديدة فأفاق من شروده .. توقع أنها شعرت بتأخيره فأرادات استعجاله .. بالفعل اكتشف أنه قضى وقتا طويلا شاردا فى أفكاره دون أن يشعر .. قرأ الرسالة .. تغيرت ملامح وجهه و عدّل من وضع النظارة .. أغلق هاتفه المحمول ثم وضعه فى جيب سرواله .. ركض بسرعة ليخرج من النفق فى أسرع وقت .. أشار لأول سيارة أجرة رآها و قفز داخلها دون أن يحاول أن ينظر ناحية الكافتريا .. انطلقت به السيارة و انطلق عقله فى التفكير ..كادت دموعه تخونه و هو يسأل نفسه ألف سؤال .. لماذا قالت ما قالته فى تلك الرسالة ؟! .. لم يكن أبدا يتوقع منها ذلك .. لم يكن يتصور أن فكرتها عنه بهذه الدونية ! .. نعم كان ساخطا على نفسه و لكنه كان مستعدا أن يسامح نفسه و يصبح أفضل لو لم تقل ذلك .. كان يحاول رغم كل شىء إقناع نفسه بأنها لا تزال له .. لا تزال جزء منه يستحيل بتره .. رسالتها كانت أقسى ما حدث له على الإطلاق .. رسالتها أنهت كل شىء .. رسالتها دمرت كل إحساس لديه ببعض الثقة بنفسه أو بإمكانية رحمة الظروف به .. رسالتها جعلته يدرك أنها ليست له ..

أخرج هاتفه المحمول و أعاد تشغيله .. فتح الرسالة من جديد .. ثم قرأها للمرة الأخيرة قبل أن يحذفها ..

" على فكرة القبة البلاستيك اللى ع الرصيف دى نفق تحت الأرض بيعديك الشارع " !