الجمعة، 16 أبريل 2010

شتات .. فى خلفيته صليب !

استدار مندهشا محطما مهزوما ليتبين الأمر .. لم يكن قد استوعب ما حدث بعد إلا عندما رأى ذلك الحلوف يقف خلفه مبتسما باستفزاز و رضا كامل عن النفس .. ارتبك ثانيتين مرا عليه دهرا ثم سأله بلسان متلعثم : " ايه اللى انت عملته ده ؟! " .. رفع الحلوف كتفيه و فتح كفيه بإشارة لا مبالية .. ثم أخبره بالبشرى السعيدة : " لو عايزنى اعمله تانى تحت أمرك " .. و بادره بصفعة أخرى على وجهه ..

كان يعرف أنه لن يستطيع أن يجاريه فى لعبته .. ولا أن يكسر دائرتها .. اختار أسلم الحلين .. جمع ما تبقى معه من بضاعة و سار مبتعدا .. كانت ضحكاتهم و سخريتهم كفيلة بإهدار ما تبقى بجسده النحيل من روح .. خطواته تئن فوق الطريق .. و دقات قلبه تتصارع فى غضب مكتوم .. ثم توقف ..

استدار ببطء ليواجههم مرة أخرى .. ببطء غير آدمى على الإطلاق .. نظر نحوهم فوجدهم قد تفرقوا ليمارس كل منهم ما كان يفعله .. لم يره أحد منهم و لم يبال به من رآه .. وجد لسانه ينطقها بدون تخطيط مسبق منه و بصوت عال أسمعهم جميعا .. " ممكن دقيقة من وقتكم ؟ " .. انتبهوا له جميعا فى استغراب و نظروا نحوه بسخرية و فضول .. اتسعت أحداقهم دهشة عندما رأوه يفعل ما لم يخطر ببالهم قط .. كان يخلع ملابسه قطعة بعد الأخرى حتى أصبح أمامهم عاريا تماما .. ثم قفز فى الهواء كالممسوس و أسقط نفسه على الأرض عنوة .. تمرغ فى التراب حتى لم تعد قطعة لحم فى جسده العارى تحتفظ بلونها الأصلى .. وقف فجأة و انتصب جسده مادا ذراعيه بمستوى كتفيه و ضاما ساقيه كالمصلوب .. ثم انهمرت دموعه تبلل وجنتيه ثابتا فى وضع جسده العجيب ..

تلك الضحكات التى كانت تدوى فى المكان توقفت عن التحلق فجأة و سقطت إلى جوار أقدامهم .. نظروا إلى بعضهم فى ذهول يشمل طوله ضمنيا أن يهربوا .. و سريعا .. طرقات سريعة متخبطة تختلط برغم اختلافها .. تبتعد .. تبتعد .. و فى الخلفية يقف وحيدا .. كأحدهم يوما .. اختلفا فى السبب .. و الجرم .. و اتحدا فى الألم .

::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::

قصة قصيرة بقلم .. إيمان تركى و أسامة أمين ناصف