الاثنين، 31 مارس 2008

حملة حماية .. خليك عدد صحيح !!


لما كنت قاعد بتفرج على برنامج الجنة فى بيوتنا وشفت عمرو خالد بيعلن ان فى حملة اسمها حملة حماية لمكافحة الادمان والمخدرات حسيت ان الموضوع مش هزار .. وحسيت بشكل ما ان الحملة دى هتنجح وهتجيب نتايج ايجابية مع انها كانت لسه مبدأتش .. وحسيت كمان ان انا نفسى ابقى معاهم واعمل حاجه للموضوع ده ..

كنت مستصعب الموضوع .. كنت بقول لنفسى يا أسامة ما جمعية صناع الحياة موجودة بقالها سنين وانت عمرك ما فكرت حتى تسأل هى فين .. جاى دلوقتى وعايز تعمل فيها مصلح اجتماعى .. يا شيخ اتلهى !!

وفضلت الافكار دى مكسلانى اسبوع .. وخلص اول اسبوع اللى كان المهمة الاساسية فيه لزق مليون استيكر عن الحملة .. ومع بداية الاسبوع التانى اتغلبت ع الافكار المحبطة دى وسألت عن مقر الجمعية ورحتها وقلتلهم هناك انا جايلكم ابيض ونفسى اعمل اى حاجه تفيد الحملة دى .. قابلت هناك شخصيات محترمة جدا وناس زى العسل ورحبو بيا وكلمونى عن الحملة و فهمونى النظام ..

وانا مروح اول يوم من الجمعية حسيت بالتوهان .. حسيت ان انا صغير اوى وماليش لزمه .. حسيت بالتضاؤل جنب الناس دى .. الناس اللى بقالها سنتين وتلاته شغالين فى العمل العام وبيعملو اعمال خير وحاجات ايجابيه وانا نايم فى مية البطيخ .. كنت زعلان ومخنوق وقلت انا مهما عملت مش هاجى جنب الناس دى حاجه ..

يوم ورا التانى اتصاحبت عليهم .. فهمت اكتر نظام الشغل .. قالولى فى لجان كتير وانت اشتغل فى اللجنة اللى تحبها .. كان فى لجنة المدارس ولجنة الجامعة .. بس انا اخترت لجنة العشوائيات .. المناطق التعبانة والعشش الصفيح والناس الغلابة واكتر حتت تظهر فيها مشكلة الادمان بشكل مفيهوش تزويق ..

وبدأنا الشغل .. ونزلت مناطق عشوائية كتير فى طنطا .. وكلمنا الناس ودخلنا بيوتهم .. الناس الغلابة اللى قهرها الفقر والجهل وقلة الرعاية الصحية وانعدام الاهتمام من حكومتنا المبجلة وكأن الناس دى مدخلتش اساسا فى تعداد السكان .. الناس البسيطة اللى بتتبسط وتفرح وترقص لما تديهم هدايا بسيطه او تشارك فى صنع فرحة ليهم .. ساعتها بيبقو ناقص يشيلوك فوق دماغهم ..

الحمد لله استريحت جدا فى شغل العشوائيات رغم انه اكتر شغل متعب من كل النواحى .. والحمد لله وصلنا حالات كتير لمراكز العلاج .. وسمعت خبر بسطنى جدا هو ان الكول سنتر اتصل بالجمعية وقاللهم ان عدد الحالات اللى بتتصل من محافظة الغربية كتير جدا ..

يوم ورا التانى فى الشغل حسيت ان ليا وجود .. حسيت ان ليا قيمة مع كل الشباب اللى معايا .. اتصاحبت عليهم وفهمنا بعض وطلعت بصداقات مع شخصيات مش هلاقى زيهم كتير .. حتى المناطق اللى كنا بننزلها وبنتكلم فيها طلعت منها بصداقات كتير وعلاقات والناس فى اغلبها كان عندها قابلية جدا انها تسمع وتفهم وتتصل كمان ..

انا عايز اقوللكو ان الحملة لسه باقيلها اسبوعين .. اللى يقدر يعمل حاجه يا ريت يعملها .. اى حاجه مهما كان شايفها بسيطة ممكن توصل لحاجه كبيرة .. الزقو استيكرات على قد ما تقدرو وكلمو الناس فى شارعكو او فى كليتكو او قرايبكو .. ابعتو ايميلات وجوابات للمسئولين فى مدنكم ومحافظاتكم عشان نطلب منهم ان المساجين المدمنين يتعالجو جوا السجون وصيغة الخطاب موجودة على موقع عمرو خالد http://www.amrkhaled.net/

عايز اقوللكو ان الحمد لله الحملة عملت نتايج مبهرة .. المليون استيكر بقو تلاته ونص مليون لحد دلوقتى .. ال 5000 نشاط بقو تلاتين الف وشويه .. ال 5000 مدمن اللى عايزينهم يوصلو مراكز العلاج وصل منهم لحد دلوقتى اربعتلاف ونص ولسه باقى اسبوعين ع الحملة يعنى ان شاء الله هيعدو الخمستلاف .. شاركو معانا فى الحملة .. اعمل حاجه تكون فى ميزان حسناتك ان شاء الله وتحسسك انك عدد صحيح مش صفر ..

الخميس، 20 مارس 2008

لما سنكرت فى وش برهومة !!

ترررررررررررررررررررررن !!
كان هذا هو صوت المنبه القابع على الكومود المجاور لفراش برهومة .. فبرهومة حريص على الاستيقاظ مبكرا حيث أن عمله اليومى يبدأ فى تمام الثامنة صباحا ..
طاك .. طاك .. بووم !!
كانت هذه يد برهومة الغاضبة وهى تحاول العثور على المنبه لكى تخرس صوت الجرس المزعج ..
_ يا نهار مش فايت .. الساعة بقت تمانية الا عشره .. المنبه الخربان ده انا هرميه فى الشارع .. ده انا ظابطه على سبعه وربع ..
وهب من الفراش مذعورا .. غسل وجهه على عجل وارتدى ثيابه بهرجلة مسروعة فبدا منظره مضحكا وقد تدلى نصف القميص خارج السروال .. ثم التقط مفتاح سيارته ال 128 الوثيرة التى حصل عليها بالتقسيط عن طريق خصم جزء من مرتبه .. وانطلق وهو لا يكف عن سب ولعن المنبه ..
امتطى مقعد القيادة .. وأدار مفتاح السيارة ..
كرررررررررررررك !!
كانت هذه من السيارة والمحرك يعلن أنه لن يدور بهذه البساطة ..
_ يا فتاح يا عليم يا رزاق يا كريم .. الساعة بقت تمانية وربع وكمان العربيه مش عاوزه تتحرك .. ارحمنى يا رب !!
وخرج من السيارة باحثا عن أى كائن بشرى .. فوجد رجلين يبدو عليهما القوة وطلب منهما : زقة والنبى يا رجاله معانا .. فأقبل الرجلان يتأففان ولسان حالهما يقول : ( يا عم هى نقصاك انت وعربيتك ع الصبح ) ..
ورغم كل المحاولات المستميتة والدفع المخلص الا أن السيارة أثبتت بحق أنها صاحبة مبدأ .. مش هدور النهارده .. انسانى يا برهومة ..
_ شدو حيلكو شوية يا رجاله .. قربنا نوصل اهو .. باقى بتاع تمانيه كيلو بس ع البنك ..
_ نهار أبوك أزرق !! .. نعم يا خويا ؟! .. احنا هنوصلك لحد شغلك زق ولا ايه يا ........
وانطلق لساناهما بعبارات لا أستطيع ذكرها ها هنا للأسف .. ثم وجد برهومة نفسه وحيدا ..
_ طب اعمل ايه انا دلوقتى فى الورطة دى ؟ .. يادى المصيبة دى الساعة بقت تسعه الا ربع .. أنا اخد الاتوبيس بقى وأمرى لله ..
ووقف فى انتظار اتوبيس 97 .. فى القاهرة قاعدة معروفة .. قف لتنتظر أتوبيس بعينه وابقى قابلنى لو جه .. هتلاقى كل الاتوبيسات اللى رايحه كل الحتت التانيه انما اللى انت عايزه موت يا حمار ..فتظاهر برهومة انه مش عايز أتوبيس 97 فجاء على الفور !!
طبعا لم يجد مقعدا خاليا فى الاتوبيس .. بالضبط وجد موضعا ليقف فيه على قدم واحده .. خنقته رائحة العرق والأنفاس الملتهبة المنطلقة بحماس فى قفاه والتى مصدرها الرجل الواقف خلفه .. كاد ينفجر فى البكاء عندما نظر الى الساعة فوجدها التاسعة والربع ..
_ أيوة هنا يا اسطى .. والسائق لا يسمع شيئا أو هو يتظاهر بذلك ..
_ يا اسطى هنا يا اسطى .. يا عم نزلنى هنا .. يابا اقف هنااااااااااااااااااااااا !!
_ يا عم ما كنت تقول م الصبح بدل ما تنعر فى خلقتى كده .. هو انا شغال عندك .. أما ركاب عرة صحيح .. يفضل نايم طول الطريق وبعدين يقرفنا احنا ..
ابتلع برهومة الاهانة لأن الوقت لا يسمح بالشجار .. وخرج ملفوظا من الاتوبيس ومظهره وثيابه فى حالة مخزية .. ثم دخل الى عمله ..
_ المدير عايزك فى مكتبه يا أستاذ برهومة .. قالتها تفيدة زميلته وهى تغمز بعينها وتبتسم ابتسامة خبيثة ..
اتجه الى مكتب المدير وهو يبسمل ويحوقل .. ودعا الله ألا تتبعثر كرامته أمام جميع الموظفين ..
_ جررررررررررررر !! .. الساعة عشرة ؟! .. جايلى الساعة عشرة يا أستاذ ؟! .. طب ايه اللى جابك .. ما كنت تقعد فى بيتكم احسن .. مخصوم منك خمس ايام يا حبيبي .. وابقى اتأخر تانى ..
هو يوم باين من أوله .. قالها برهومة لنفسه .. أهى كده كملت بقى .. هنشحت الشهر الجاى ..
ثم اكتشف أنه هيشحت باقى الشهر ده كمان عندما تحسس جيبه فلم يجد حافظة نقوده ..
_ يا نهار اسود ومنيل بنيله كحلى .. المحفظة اتنشلت !!
واسودت الدنيا أمام عينيه .. هى مالها مقفلة ليه كده يا ربى .. سنكرت فى وشى بالضبة والمفتاح .. هروح اقول لابويا ايه بس .. اعتبرنى تلميذ تانى واديني مصروفى الشهر ده ..
قضى ساعات العمل شارد الذهن .. ولم تكن رحلة عودته من العمل أفضل حالا من رحلة ذهابه اليه .. فقد اضطر انه يستلف خمسه جنيه يروح بيهم من الشبوكشى زميله فى العمل ..
دخل بيته .. وتنهد من أعماق قلبه وهو يلقى بجسده على أريكته المفضلة .. ودفن وجهه بين يديه .. ثم سمع صوتا قادما من المطبخ ..
اتجه اليه ليجد أمه توليه ظهرها منهمكة فى طهى طعام الغداء ..
_ انتى لسه زعلانة منى يا أمى ؟
نظرت له أمه نظرة معاتبة .. ثم أشاحت بوجهها عنه ..
_ هو اللى عملته امبارح ده شويه يا برهومة ؟ .. بقى تعلى صوتك عليا يا ابني .. انت متعرفش ده أثر فيا ازاى يا برهومة .. ودمعت عيناها الحانيتان المتعبتان ..
_ ما انا خلاص عرفت يا أمى .. عرفت قد ايه انا زعلتك .. بس بطريقة عملية وقاسية حبتين ..
وحكى لها ما حدث له طيلة اليوم .. ثم انحنى ليلثم يديها ..
_ سامحيني يا أمى .. مكنتش اقصد ازعلك أبدا ..
ربتت على كتفه فى حنان فطرى .. وقالت له فى حب :
_ مسامحاك يا حبيبي .. مهما حصل منك هتفضل ابنى اللى ماليش غيره فى الدنيا ..
وابتسم برهومة عالما أن الغد سيكون أفضل حالا بالتأكيد من اليوم ..

الثلاثاء، 11 مارس 2008

الطفل المعجزة .. يا مواطن انسى مشاكلك !!

كنت مستيقظا فى تلك الساعة المبكرة من صباح ذلك اليوم أتابع التلفاز .. عندما بدأ " لحسن حظى طبعا " البرنامج العبقرى (صباح الخير) فى القناة الاولى على التليفزيون المصرى .. ولشدة ندمى قررت مشاهدة أجزاء منه .. يعنى قلت اشوف الناس دول عايزين يوصلولنا ايه برده .. وفور انتهاء تتر البرنامج طالعنا على الشاشة وجه المذيعة وقد ملأته ابتسامة مشرقة .. وتلاعبت فى عينيها نظرة ضحوك متفائلة .. ثم أعلنت وبقلب جامد : " يا جماعة .. مصر لسه بخير !! " .. وأكملت : " لسه الامانى ممكنة .. حتى مع ارتفاع الأسعار كل يوم عن التانى ومع ازدياد معدلات البطالة ومع تدهور مستوى الصحة والتعليم .. لسه فى أمل !! " ...
لا شعوريا انتقل لى جزء من تفاؤلها وقررت اركز بكل حواسى فى شاشة التليفزيون منتظرا سماع هذا الخبر الذى أشاع كل هذا الأمل والتفاؤل فى نفس هذه المذيعة ومن حولها فى الاستوديو .. متوقعا خبر مثل : ( استقالة حكومة نظيف ) أو ( مبارك يقيل حكومة نظيف نظرا لتدهور الحالة الاقتصادية للبلاد والاجتماعية لمواطنى البلاد ) أو ( الرئيس مبارك قرر التنحى عن حكم البلاد واقامة انتخابات حرة نزيهه ) أو ( السر الالهى طلع !! ) .. ما انا قلت مش معقول يعنى التفاؤل ده كله سببه خبر أقل من الاخبار دى فى الظروف المنيله بنيله اللى احنا عايشين فيها ...
ثم خابت كل امالى وانهارت كل احلامى حين سمعت الخبر : " سيدة مصرية اكتشفت ان معدل ذكاء طفلها الذى لم يتجاوز العاشرة تتعدى نسبة الذكاء الطبيعي !! " .. لا والله ؟!! .. بجد والنبى ؟!! هو ده الخبر اللى خلاكى تحلى كل مشاكل مصر وانتى قاعده كده .. لا فعلا
معاكى حق .. ده انا حتى اتبسطت خالص اهو .. نياهاهاهاهاهاهاااااااااا ...
أعلم تماما أن الخبر جيد برغم كل شيء .. طفل مصرى عبقرى .. شىء رائع وجميل ويدعو للتفاؤل حقا .. ولكن ألا تروا معى أن هناك بعض المبالغة فى أن نجعل اكتشاف مثل هذا الطفل هو حجة تريد بها الحكومة جعلنا ننسى كل اللى عايشين فيه من مصايب وبلاوى وفقر وقلة حيله ؟ .. أعتقد أن هذه هى المبالغة بعينها .. ان لم يكن استفزاز لعقلية المشاهد الغلبان الكادح الذى يفكر كيف سيكمل بقية الشهر والمرتب خلصان من يوم عشره .. تغييب لعقول المشاهدين ومحاولة ساذجة لتوجيه الرأى العام تجاه اى سراب يشع بالأمل فى سبيل افقاد المجتمع المنهك ذاكرته الملأى بالجروح والمعاناه ..
اعلام الحكومة أصبح يطبق حرفيا المثل القائل : " يعمل من الحبة قبة " ..أمن المفترض على الشاب خريج الجامعة العاطل الجالس ع القهوة أو المريض فى المستشفى الحكومى الذى لا يلقى اى نوع من الرعايه الصحيه الادميه أو الموظف الغلبان الكادح اللى واقف فى اتوبيس اربعتاشر رجليه مش لامسه ارضية الاتوبيس من الزحمة انهم اول ما يسمعو الخبر ده يرقصو طربا وفرحا بهذا الانجاز المصرى الفخيم ؟!! .. هيييييييييييييييه عندنا طفل معجزة .. كل مشاكلنا اتحلت يا رجاله ...
بالفعل هو خبر جميل .. ولكن فى بلد مثل مصر يصبح خبرا تراجيديا .. اذ يمكن بقليل من فراسة أن نتصور ما سيحدث لهذا الطفل وغيره الكثير من أطفال مصر الأذكياء .. كل يوم يمر على هذا الطفل فى المدرسة سوف يقلل من معدل ذكائه ويضع برأسه أفكارا بالية ومعلومات خاطئة عاف عليها الزمن .. كل دقيقة تمر عليه وهو يشاهد اعلام حكومته سوف تطفىء ضوئا فى عقله .. كل مشكلة مادية سوف تواجه والديه فى ظروف الغلاء التى نحياها سوف تكسر بداخله شعاع أمل لتخبو عبقريته يوما بعد يوم .. وليتحول الخبر الجميل الى حسرات غير معلنة !!
فى النهاية أريد القول بأنه من الافضل وضع الامور فى حجمها الطبيعي .. كفايه يا تليفزيون الحكومة وجرايدها ضحك ع الناس .. كفايه تضليل للرأى العام .. كفاية استفزاز للناس الغلابه .. اتقو الله فى دماغ الناس وفى طريقة مخاطبتهم عبر تليفزيونكم الملاكى .. وربنا يسترها ع الواد ويكفيه شر الحسد !!

.....................................

نشر فى جريدة الدستور .. نشر فى مجلة بص و طل الالكترونية .. http://www.boswtol.com/5gadd/nsahsah_226_05.html